ملتقى انصار السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
اهلا وسهلا بكم في ملتقى انصار السيد عبد الملك الحوثي
نرجو منكم الضغط على زر التسجيل بالأسفل للاشتراك معنا

معنى التسبيح %D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A

ملتقى انصار السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
اهلا وسهلا بكم في ملتقى انصار السيد عبد الملك الحوثي
نرجو منكم الضغط على زر التسجيل بالأسفل للاشتراك معنا

معنى التسبيح %D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A

ملتقى انصار السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى انصار السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
كلمات من نور
معنى التسبيح Pic
نحن نعرف جميعاً إجمالاً أن كل المسلمين مستهدفون، و أن الإسلام والمسلمين هم من تدور على رؤوسهم رحى هذه المؤامرات الرهيبة التي تأتي بقيادة أمريكا وإسرائيل ، ولكن كأننا لا ندري من هم المسلمون. المسلمون هم أولئك مثلي ومثلك من سكان هذه القرية وتلك القرية، وهذه المنطقة وتلك المنطقة ،أو أننا نتصور المسلمين مجتمعاً وهمياً ، مجتمعاً لا ندري في أي عالم هو؟. المسلمون هم نحن أبناء هذه القرى المتناثرة في سفوح الجبال ، أبناء المدن المنتشرة في مختلف بقاع العالم الإسلامي ، نحن المسلمين، نحن المستهدفون .. ومع هذا نبدو وكأننا غير مستعدين أن نفهم، غير مستعدين أن نصحوا ، بل يبدو غريباً علينا الحديث عن هذه الأحداث ، وكأنها أحداث لا تعنينا ، أو كأنها أحداث جديدة لم تطرق أخبارها مسامعنا، أو كأنها أحداث وليدة يومها. السيد/ حسين بدر الدين الحوثي.
اخر الأخبار من موقع انصار الله
معنى التسبيح 276819_276009685777346_1625704919_q
موقع أنصار الله || عـــاجل مصرع ثلاثة اشخاص وإصابة اخرين في هجوماً شنته مليشيات الاصلاح على مواطنين في مديرية الشاهل محافظة حجة قبل قليل
.
البرنامج اليومي
1_الأستغفار وقت السحر 2_الصلاة في أوقاتها 3_قراءة القران الكريم 4_الدعاء لله تعالى 5_التسبيح 6_قراءة ملزمة الأسبوع
ملزمة الأسبـــوع
ملزمة: الصرخة في وجة المستكبرين
الف تحية لأخوننا في البحرين
معنى التسبيح Images?q=tbn:ANd9GcSIpcMqcRwPsdq_gMdrOVM33N5NqeokwehSwPImYwKDTGdsFWivYbMatnERXg
ارحل
معنى التسبيح Goout-gerald
لا للتدخلات الامريكية في اليمن
معنى التسبيح 304842_336535746439618_1066545539_n
صفحتنا على الفيس بوك
صفحتنا على الفيس بوك معنى التسبيح Facebook-128
للتواصل معنا عبر الهاتف
لتواصل معنا معنى التسبيح 132797625143
البريد الأكتروني
او عبر البريد الأكتروني معنى التسبيح 1293449952_email

 

 معنى التسبيح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المتوكل على الله
Admin
avatar


المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 02/08/2012
العمر : 29

معنى التسبيح Empty
مُساهمةموضوع: معنى التسبيح   معنى التسبيح Emptyالثلاثاء أغسطس 21, 2012 3:14 pm

دروس من هدي القرآن الكريم
معنى التسبيح
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ : 9/2/2002م
اليمن ـ صعدة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آله.
قبل أن نبدأ بالدرس بعض الشباب قدم سؤالاً حول معنى التسبيح في الصلاة (( سبحان الله العظيم وبحمد..سبحان الله الأعلى وبحمد))
والتسبيح في الصلاة جاء في القيام في الركعتين الأخيرتين، وفي الركوع وفي السجود.. ويدل ذلك على أهمية التسبيح، وعلى حاجتنا نحن، حاجتنا نحن البشر إلى تسبيح الله سبحانه وتعالى .
تسبيح الله معناه تنـزيهه وتقديسه، تنـزيهه عما لا يليق به، تنـزيهه عن نسبة أي شيء إليه يتنافى مع عدله وكماله المطلق، سبحانه وتعالى، يتنافى مع حكمته، مع رحمته، مع عظمته وجلاله.
التسبيح يمثل قاعدة مهمة، ومقياساً مهماً جداً، لذلك كان من المهم أن يتكرر في الصلاة التي تتكرر هي في اليوم خمس مرات، وأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بتسبيحه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الأحزاب:41 ـ42) {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}(الروم:17) .
ووردت أخبار في أذكار معينة: (( سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )) روي عن الإمام زيد (عليه السلام) عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه قال في هذه التسبيحة: (( أنه من سبحها مائة مرة في اليوم دفع الله عنه سبعين نوعاً من البلاء أدناها أو أهونها القتل: سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)).
التسبيح ـ كما قلت سابقاً ـ يعتبر قاعدة مهمة جداً، نكرر التسبيح في صلاتنا وفي كل أوقاتنا حتى يترسخ معناه ، فتكون نظرتنا إلى الله سبحانه وتعالى نظرة تقوم على أساس تنـزيهه، وتقديسه سبحانه وتعالى؛ لأننا لما كانت إدراكاتنا محدودة فيما يمكن أن نتعقله من الأشياء، أيضاً تكون إمكانية التعقل لدينا محدودة، وأفعال الله سبحانه وتعالى قد يكون هناك شيء من أفعال الله، في مخلوقاته لا نفهم نحن وجه الحكمة فيها ، لا ندرك نحن الغاية من فعلها، أو من تشريعها، أو من خلقها، فإذا ما كنا نستشعر دائماً تنـزيه الله سبحانه وتعالى في ذاته وفي أفعاله وفي تشريعاته، فستكون هذه القاعدة هي التي ستحافظ على سلامة إيماننا بالله، وحسن ظننا به، واستمرار إيماننا بنزاهته، وقدسيته سبحانه وتعالى .
وما أكثر ما نجهل من الأشياء في مخلوقات الله وفي تشريعاته، ما أكثر ما نجهل وجه الحكمة فيها، أو إدراك الغاية منها، ولكننا نقطع بأن الله سبحانه وتعالى ما دام وقد ثبت أن هذا فعله فهو الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه حكمة ، ونقطع فيما ثبت لنا من تشريعه وهدايته مما لا ندرك وجه الحكمة فيه: أن الله لا يشرع إلا تشريعاً فيه حكمة ، فليس هناك عبث في أفعاله ، وليس هناك تلاعب في أفعاله سبحانه وتعالى هو الحكيم .
والتسبيح لله سبحانه وتعالى أيضاً أمام ما نسمع من هنا أو هنا من مقولات تنسب إلى الله سبحانه وتعالى.. فنحن سنعتمد على هذه القاعدة ليتجلى لنا من خلالها بطلان ذلك القول أو تلك العقيدة، لأنها تخالف ما يجب علينا أن نحكم به ونعتقده من تنـزيه الله .
وقد جاء التسبيح ـ كما كررنا ذلك في جلسات متعددة ـ جاء التسبيح لله سبحانه وتعالى واسعاً جداً{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(الجمعة: من الآية1) {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الحديد: من الآية1) الملائكة كما حكى الله عنهم{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}(الانبياء:20)، فهذا الإستنفار العام لكل المخلوقات أن تنطلق في تسبيح الله تعالى بلسان المقال ولسان الحال يدل على أهمية أن نتعقل التسبيح ، يدل على أهمية أن تملأ نفوسنا مشاعر التنـزيه لله سبحانه وتعالى، وأن من يغفل عن هذه القاعدة سيقع في الضلال، تفسد عقائده، يؤمن بالباطل، فينسب إلى الله القبائح، ينسب إليه الفواحش، ينسب إليه الظلم، أليس هذا ما حصل عند كثير من البشر؟ يجعلون لله شركاء، يجعلون لله أنداداً، يجعلون معه آلهة، هذا الذي حصل عند كثير من البشر.
وهو حاصل عند كثير من المسلمين، هناك عقائد كثيرة منتشرة عند أغلب المسلمين تتنافى منافاة صريحة مع جلال الله، وقدسيته، وحكمته، وعظمته فأولئك يسبحون الله بأفواههم ويرون كم عرض القرآن الكريم من آيات تؤكد أهمية التسبيح، ولكنهم قد انعقدت قلوبهم على عقائد معينة استوحوها من أحاديث، فلم يعودوا إلى القرآن بالشكل المطلوب، فمن عاد إلى كتاب الله سبحانه وتعالى فلن تفسد عقيدته ولن يضل .
نحن نسبح الله في الصلاة أثناء القيام، نسبحه أثناء الركوع، نسبحه أثناء السجود، يعني ذلك: أنه يجب علينا أن نسبح الله سبحانه وتعالى في كل أحوالنا، في كل الأحوال التي تمر بنا نحن، عندما يحصل لك مرض شديد، عندما تحصل لك شدة في المصائب أو في الفقر أو في أي نكبة تحصل عليك، أو أي مشكلة تقع فيها يضيق بها صدرك. فبعض الناس يسيء الظن بالله، وهذا حصل في يوم الأحزاب عند بعض المسلمين:{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب: من الآية10) عندما حاصرهم المشركون فحصل لديهم رعب كما حكى الله عنهم في [سورة الأحزاب]:{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً}(الأحزاب:11) كما قال:{وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب: من الآية10) بدأت الظنون السيئة .
عندما يدخل الناس في أعمال ونكون قد قرأنا قول الله تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}(الحج: من الآية40) ويمر الناس بشدائد إذا لم تكن أنت قد رسخت في قلبك عظمة الله سبحانه وتعالى وتنـزيه الله أنه لا يمكن أن يخلف وعده فابحث عن الخلل من جانبك [فربما نحن لم يتوفر لدينا ما يجعلنا جديرين بأن يكون الله معنا، أو بأن ينصرنا و يؤيدنا] أو تبحث عن وجه الحكمة إن كان باستطاعتك أن تفهم فربما أن تلك الشدائد تعتبر مقدمات فتح ، تعتبر مفيدة جداً في أثارها .
وقد حصل مثل هذا في أيام الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في الحديبية، عندما اتجه المسلمون وكانوا يظنون بأنهم سيدخلون مكة، ثم التقى بهم المشركون فقاطعوهم فاضطروا أن يتوقفوا في الحديبية، ثم دخل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في مصالحة معهم وكانت يبدو في تلك المصالحة من بنودها شروط فيها قسوة، وقد حصل في تلك المصالحة هدنة، هدنة لعدة سنوات كأنها لعشر سنوات تقريباً .
نلاحظ ماذا حصل بعد ذلك الصلح الذي دون فيه بنود تبدو قاسية، وظهر فيه المسلمون وكأن نفوسهم قد انكسرت، كانوا يظنون بأنهم يدخلون مكة، ثم رأوا أنفسهم لم يتمكنوا من ذلك فرجعوا، بعد هذه الهدنة توافدت الوفود على رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من مختلف المناطق في الجزيرة العربية واليمن وغيرها، وفود إلى المدينة ليسلموا، فكان ذلك يعتبر فتحاً، وكان فتحاً حقيقياً في ما هيئ من ظروف مناسبة ساعدت على أن يزداد عدد المسلمين، وأن يتوافد الناس من هنا وهناك إلى المدينة المنورة إلى رسول الله(صلوات الله عليه وعلى آله) ليدخلوا في الإسلام ، فما جاء عام الفتح في السنة الثامنة إلا ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قد استطاع أن يجند نحو اثني عشر ألفاً الذين دخلوا مكة.
إذا كان الإنسان ضعيف الإيمان، ضعيف الثقة بالله، ضعيف في إدراكه لتنـزيه الله سبحانه وتعالى قد يهتز عند الشدائد إما أن يسيء الظن في موقفه: [ربما أن موقفنا غير صحيح، وإلا لكنا انتصرنا ، لكنا نجحنا] يحصل ربما، ربما..إلى آخره، وإما أن يسيء الظن بالله تعالى وكأنه تخلى عنا، وكأنه ما علم أننا نعمل في سبيله، وأننا نبذل أنفسنا وأموالنا في سبيله لماذا لم ينصرنا؟.لماذا لم ..؟.
الإنسان المؤمن، الإنسان المؤمن يزداد إيماناً مع الشدائد{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران:173) ؛ لأن الحياة كل أحداثها دروس، كل أحداثها آيات تزيدك إيماناً، كما تزداد إيماناً بآيات القرآن الكريم{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}(لأنفال: من الآية2) كذلك المؤمن يزداد إيماناً من كل الأحداث في الحياة، يزداد بصيرة، كم هو الفارق بين من يسيئون الظن عندما تحصل أحداث، وبين من يزدادون إيماناً؟. وهي في نفس الأحداث ، أليس الفارق كبيراً جداً؟. لماذا هذا ساء ظنه، وضعف إيمانه، وتزلزل وتردد وشك وارتاب ؟ وهذا ازداد يقيناً وازداد بصيرة وازداد إيماناً؟! هذا علاقته بالله قوية، تصديقه بالله سبحانه وتعالى، وثقته بالله قوية، تنزيهه لله تنزيه مترسخ في أعماق نفسه، يسيطر على كامل مشاعره فلا يمكن أن يسيء الظن بالله مهما كانت الأحوال ، حتى ولو رأى نفسه في يوم من الأيام وقد جثا على صدره [شمر بن ذي الجوشن] ليحتز رأسه كالإمام الحسين (صلوات الله عليه) .
حادثة كربلاء ألم تكن حادثة مؤلمة؟. كانت كلمات الإمام الحسين فيها تدل على قوة إيمانه، كمال وعيه، كمال يقينه، بصيرته فكان همه من وراء كل ذلك أن يكون لله فيه رضا ، ما دام وفيه رضا لك فلا يهمني ما حصل، وهذه هي نفسية المؤمن نفسية المؤمن هو أن ينطلق في أعماله يريد من ورائها كلها رضاء الله، رضاء الله هو الغاية.
وإن وضع له أهدافاً مرحلية وداخلية هي ليست كل شيء لديه، ليست كل شيء لديه، فإذا لم يتحقق ذلك شك وارتاب، أن يجندوا أنفسهم لمعركة ما مع أعداء الله ثم ينهزمون، أو يرون أنفسهم مضطرين إلى أن يتصالحوا صلحا مؤقتا، فيرجعون بنفوس مرتابة لماذا؟. ألم نسمع أن الله تعالى قال:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج: من الآية40) لماذا، لماذا؟!
المؤمن هدفه هو أن يحصل على رضا الله، وإن يكسب ر ضا الله، وأن يكون في أعماله ما يحقق رضا الله، وأن النصر الذي يريده، النصر الذي ينشده هو نصر القضية التي يتحرك من أجلها، هي تلك القضية التي تتطلب منه أن يبذل نفسه وماله، فإذا كان مطلوب منك أن تبذل نفسك ومالك فهل ذلك يعني بالنسبة لك نصراً مادياً شخصياً؟ الذي يبذل ماله ونفسه فيقتل في سبيل الله، هل حصل نصر مادي له شخصياً؟ هو انتصر للقضية، هو حصل على الغاية التي ينشدها، حتى وإن كان صريعاً فوق الرمضاء، ألم يصبح شهيداً؟ حظي بتلك الكرامة العظيمة التي وعد الله بها الشهداء، دمه ودم أمثاله، روحه وروح أمثاله، أليست هي الوسيلة المهمة لتحقيق النصر للقضية؟.
المؤمن لا ينظر إلى نفسه، النصر الشخصي، المقصد الشخصي، قضيته الخاصة، خطته المعينة، موقفه الخاص المسيرة هي المسيرة الطويلة: العمل على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله في هذه المرة أو في المرة الثانية أو في المرة الثالثة، إن لم يكن على يديك أنت فقد يكون على يد آخرين ممن هيأتهم أنت، وهكذا حتى تنتصر، ولا بد أن يتحقق النصر.
وأنت منتصر أيضاَ عندما تسقط شهيداً في سبيل الله، أنت متنصر أيضاً، أنت عملت ما عليك أن تعمله فبذلت نفسك ومالك في سبيل الله، فإن يرى المسلمون أو يرى المؤمنون بعضهم صرعى في ميادين الجهاد كما حصل في يوم أحد ، ألم يتألم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما رأى حمزة صريعاً؟ وصرع كثير من المجاهدين ، ولكن هل توقف بعدها؟ لم يتوقف أبدأً، وإن كانت تلك خسارة أن يفقد أشخاصا مهمين كحمزة لكنه نصر للمسيرة ، نصر لحركة الرسالة بكلها، ولا بد في هذه المسيرة أن يسقط شهداء، وإن كانوا على أرفع مستوى ، مثل هذا النوع كحمزة سيد الشهداء.
المهم أننا أريد أن نقول: أنه في حالات الشدائد، في حالات الشدائد وهي الحالات التي يضطرب فيها ضعفاء الإيمان ، يضطرب فيها من يفقدون نسبة كبيرة من استشعار تنـزيه الله سبحانه وتعالى، الذي يعني تنـزيهه عن أن يخلف وعده وهو القائل:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.. وفعلاً لو توفرت عوامل النصر لدى فئة ، تكون على المستوى المطلوب ، ويوفرون أيضاً من الأسباب المادية ما يمكن أن يوفروه لا شك أن هؤلاء سيحققون نصراً كبيراً.
ولا يعني النصر: أن لا يتعبوا، أن لا يستشهد منهم البعض أو الكثير ، ولا يعني النصر هو أن لا يحصل لهم من جانب العدو مضايقات كثيرة ، ولا يعني النصر: هو أن لا يحصل منهم سجناء ، إنهم مجاهدون ، والمجاهد هو مستعد لماذا؟ أن يتحمل كل الشدائد في سبيل الإنتصار للقضية التي من أجلها انطلق مجاهداً وهو دين الله.
عمار بن ياسر في أيام صفين كان يقول: والله لو بلغوا بنا سعفات هجرـ أو عبارة تشبه هذه ، وسعفات هجر قرى يشير إليها في البحرين ـ لعلمنا أننا على الحق وهم على الباطل. يقول: لو هزمنا معاوية وجيشه حتى يصلوا بنا البحرين لما ارتبنا أبداً في أنهم على باطل وأننا على حق. إنسان واعي ، إنسان فاهم ، يعرف طبيعة الصراع ، يعرف ميادين الجهاد التي تتطلب من هذا النوع ، يحصل فيها حالات كر وفر ، يحصل حالات تداول في الأيام فيما بين الناس ، يحصل كذا يحصل كذا.
فهو لا ينطلق على أساس فهم قاصر للمسألة، أن يفهم قول الله تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} إذاً سيتحرك وبالتالي لن يلاقي أي صعوبة، وأن معنى إمداد الله هو إمداد غيبي لا يلاقي أي عناء، ليس هذا هو الفهم المطلوب، وأنت واثق من المسيرة التي تسير عليها أنها مسيرة حق، والمواقف التي تتحرك فيها أنها مواقف حق، هذا شيء مهم، ثم ثق وعندما تثق هل تثق بنصرك شخصياً؟ يجب أن تلغى، وإلا فسيكون من ينظرون إلى أنفهم شخصياً أن يتحقق لهم شخصياً كل تلك الوعود فهم من قد يضطربون عند أول شدة يواجهونها.
انظر لماذا تتحرك؟. هل أنت تتحرك في سبيل الله؟. ألم تكن هذه العبارة هي التي تكررت في القرآن الكريم بعد كلمة:{يجاهدون ، جاهدوا ، جاهدوا في سبيل الله، في سبيل الله، في الله} هذه هي الغاية هو الهدف الذي من أجله تتحرك، أنا أتحرك في سبيل الله، وأن التحرك في هذا الميدان هو يتطلب مني أن أصل إلى استعداد بأن أبذل نفسي ومالي. أليس معنى ذلك إلغاء النظرة الشخصية والمكسب الشخصي؟. أن أتحرك في هذا الميدان لأحقق النصر لدين الله والعمل لإعلاء كلمته وإن كان ذلك بماذا؟. ببذل نفسي ومالي ، أليس معناها التلاشي؟ التلاشي المادي بالنسبة لي؟ وجودي، جسدي، وماديات أموالي، أليس المعنى هكذا؟.
إذاً فليس هناك مجال للتفكير في النصر الشخصي. كل شخص ينطلق على أساس أنه يريد أن يتحقق له النصر الشخصي. لا. ربما قد يكون مكتوب لك أن تكون من الشهداء، هذا هو النصر الشخصي، النصر الشخصي بالنسبة لك حتى لو لم تكتمل المسيرة، أو جبن الآخرون من ورائك، أما أنت فقد حققت النصر، قمت بالعمل الذي يراد منك أن تقوم به، وبذلت كل ما بإمكانك أن تبذله، فأنت قد نصرت القضية على أعلى مستوى، نصرت القضية على أعلى مستوى، وتحقق لك النصر، أو ليس نصراً عظيماً أن تكتب عند الله من الشهداء الذين قال عنهم:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (آل عمران:169 ـ170) أليس هذا هو نصر؟.
تنـزيه الله سبحانه وتعالى الذي يعني: تنـزيهه في ذاته، فلا يمكن أن نصفه بما يستلزم منه أن يكون مشابهاً لمخلوقاته أبداً، تنـزيهه في أفعاله هو، فلا يمكن أن نتهمه في فعل من أفعاله أنه صدر منه مخالفاً لمقتضى الحكمة ، مخالفاً لما يليق بجلاله وحكمته وعظمته، تنـزيهه في أن ننسب إليه ـ فيما يتعلق بوعوده ـ أنه يخلف الميعاد، أنه لم يف بوعده{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}(البقرة: من الآية40).
تنـزيهه في تشريعه أيضاً أن يشرع ما يتنافى مع كماله سبحانه وتعالى ، أن يشرع لنا ما يتنافى مع قدسيته ، مع عظمته ، مع جلاله ، مع حكمته ، مع عدله كل ما يتنافى مع ذلك لا يمكن أن يشرعه الله سبحانه وتعالى لعباده.
هو الذي لعن الظالمين، هل يمكن أن يوجب عليّ طاعتهم؟..لا. فمن يأتي ليقول: إن الحاكم الفلاني هو خليفة المسلمين يجب طاعته لأنه أصبح ولي الأمر فتجب طاعته، فهو يحدثني بكلمة: [تجب طاعته] يضفي على المسألة امتداداً شرعياً أي أن الله أوجب علي طاعة هذا أليس كذلك؟ أي: أن من شريعة الله من دين الله أن أطيع هذا.. هذا لا يمكن أبداً أن يكون من دين الله ، لا يمكن أبداً أن يكون مما يرضى به الله سبحانه وتعالى .
وهكذا ظهرت أشياء كثيرة جداً نسبت إلى دين الله سواءً في مجال العقائد ، أو في المواقف ، أو في التشريعات الأخرى ، قد يلقاها أي إنسان طالب علم ، فإذا ما كان ينطلق من هذه القاعدة: [تنـزيه الله سبحانه وتعالى] فسيرى كم ستفيده هذه القاعدة ، وسيرى البصيرة العظيمة التي تتحقق له من وراء اعتماده على هذه القاعدة ، قاعدة ماذا؟. تنـزيه الله سبحانه وتعالى؟.
الله يعلم أن كثيراً من عباده سينسبون إليه مالا يليق به فأوضح لنا نحن خطورة المسألة على أنفسنا في نظرتنا إلى الله سبحانه وتعالى ، خطورة المسألة على أنفسنا فيما يتعلق بواقع الحياة، فأبان لنا في القرآن الكريم ، الآيات التي تدل على ماذا؟ على أن قضية تنـزيهه قضية مهمة استنفر لها كل مخلوقاته:{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(الجمعة: من الآية1) أليس هذا إستنفاراً عاماً لكل المخلوقات؟ طبعها بأن تسبحه ما كان منها بلسان المقال وما كان منها بلسان الحال، فهو يشهد بأنه ـ بما هو عليه ـ يشهد بنـزاهة الله.
التنـزيه لله سبحانه وتعالى ليس فقط مجرد حكم ببراءته من كذا، عندما نقول في صلاتنا أثناء الركوع:[سبحان الله العظيم وبحمد] ألسنا نقول:[وبحمده]؟ التنـزيه الذي يجب أن ينطلق منا نحو الله سبحانه وتعالى ليس فقط مجرد التبرئة وإصدار حكم ببراءته من كذا ، بل التنـزيه المتلبس بالثناء عليه.
وكمثال على هذا أنك تجد من الناس من إذا نسب إليه أنه عمل عملاً سيئاً ، ولكن لم تثبت إدانته فحكمنا ببراءته فقط قلنا: هو بريء. هل في هذا ثناء عليه؟ هو بريء، لكن أن ينسب ذلك الفعل إلى شخص أنت تعرفه بالتقوى ، بالعبادة ، بالصلاح ، بزكاء نفسه ، بطهارة روحه، وتعرفه عمره لم يحدث منه مثل هذا الشيء، كيف ستقول أنت؟ ستقول: هذا ما يمكن أن يحصل منه كذا أبداً وهو كذا وهو كذا ونحن نعرفه أنه كذا ، وهو من أوليا الله ، وهو.. وهو.. إلى آخره. ألسنا سنقول هكذا؟ هذا هو التنـزيه المتلبس بالثناء أي مترافق بالثناء، والذي يقدم في صيغ متلبسة بالثناء. تقول: أبداً ما يمكن أن يحصل منه هذا، نحن نعرفه إنسان ولي من أولياء الله ، وإنسان متدين وعاقل و..و..إلى آخره.
فنعرف الفرق بين مجرد البراءة ومطلق البراءة ، وبين التبرئة المتلبسة بالثناء أيهما أفضل؟ التبرئة المتلبسة بالثناء. فنحن نقول: [سبحان الله العظيم] نسبحه: ننـزهه [وبحمده] بالثناء عليه ننـزهه لأنه إنما يستحق الثناء من هو منـزه .
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:2) أليست هذه أول سورة الفاتحة؟ بعد:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:1ـ2) أول آية بعد البسملة تصدَّر بالثناء على الله{الْحَمْدُ لِلَّهِ} أن يكون هو أهل للثناء عليه، أن يكون هو من يستحق الثناء عليه، فأن يثني على نفسه ويثني عليه عباده يعني ذلك أنه منـزه ، أنه الكامل الذي لا يليق به، لا يليق بكماله، لا يليق بجلاله أن يصدر منه هذا الشيء أو هذا الشيء ، أو أن يكون على هذا النحو في ذاته ، أو أن يصدر منه هذا الفعل السيء ، هذا معنى: [سبحان الله العظيم وبحمده .. سبحان الله الأعلى وبحمده]الحمد معناه الثناء على الله سبحانه وتعالى فأنت تنـزه الله في كل حالاتك، وأنت تحمده في كل حالاتك، تثني عليه في كل حالاتك في حالة القيام في حالة الركوع ، في حالة السجود ، فيما قد توحي به هذه الحالات الثلاث داخل الصلاة من حالات في واقع حياتك تمر بها أنت.
أليس الإنسان يمر في حياته بأحوال فيرى نفسه مرتاحاً، بخير ، متوفر له حاجياته ، ليس عنده مشكلة، قد يحصل له مواقف تركعه، قد تحصل له مواقف أكبر أو مشاكل، هل الإنسان يبقى منتصباً في حياته دائماً؟ لا، بل يمر بمشاكل ، العرب كانوا يمثلون للمصائب الكبيرة بالدواهي ، أو بقاصمة الظهر ، أو تثقل الكاهل بعبارات من هذه.
هذه تسيء الإنسان وكأنه فيما إذا وقعت عليه مشكلة أو مصيبة أو عانى معاناة من مرض في بدنه أو مرض في أحد من أصدقائه، أو أفراد أسرته يتبادر إلى الذهن وكأنه شيء يثقل كاهله فيحنيه ، أنت في كل حالاتك كن مسبحاً لله ، كن واثقاً بالله، وفي كل الحالات يكون همك هو رضاء الله، متى ما عرفت أن المعاناة التي أنت فيها هي في سبيل الله ، المعاناة التي أنت فيها ليست خنوعاً لأعدائك ، ليست ذلاً تحت وطأة أعدائك تحمَّل واصبر وهذا هو المطلوب من المؤمن أن يتجلد أن يكون لديه حالة من الجلد، التجلد والتصبر .
هذا النوع من المؤمنين هو الذي يستطيع أن يقف المواقف المهمة في سبيل إعلاء كلمة الله ، أما الذي يسقط من أول شدة يتعرض لها ، سواء تحصل عليه شدائد في نفسه ، أو في غيره.
بعض الناس قد يرى نفسه متى ما توجه توجهاً إيمانياً ثم مرض أحد من أقاربه، أو وقع عليه برد في أمواله، أو حصل أي شيء، فلن يتجه في هذا الإتجاه فيحاول أن يتخذ قراراً آخر بأنه يترك، فيدعو الله فلا يرى أنها استجيبت دعوته ، ثم ينفر من الله ويقول: كم دعينا الله وما أجاب ، فلا ينفع الإنسان إلا أن يتحرك ويبحث هو.
هذه كلها تدل على جهل شديد، جهل شديد بالله سبحانه وتعالى، جهل بالحياة، جهل بقصورنا أننا قاصرون أننا ناقصون.
أنت تعيش في حالة تمنن على الله سبحانه وتعالى عندما ترى بأنك قد أصبحت تتجه باتجاه الفئة الفلانية ، أو نحن أصبحنا الآن متدينين ـ كما يقال ـ قد أصبحنا من أهل الدين. ثم من بعد ذلك لا تريد أي شيء يمسك بسوء، وقد أصبحت منتظراً أن لا تلقى أي مصيبة هامة.
قد تأتي أشياء أخرى هي بما كسبت يدك، أو أشياء أخرى هي بما كسبت أيدي الآخرين من المجرمين ثم تغضب على الله لأنك لم تعرف بأنك لا تزال قاصراً وناقصاً أنت.
نحن قلنا في محاضرة يوم الخميس حول قول الله تعالى لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو الإنسان الكامل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ، هو الكامل في إيمانه ، في تقواه ، في طهارة نفسه ، في حرصه على هداية عباد الله هنا يقول الله سبحانه وتعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}(محمد: من الآية19) {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}(الفتح: من الآية2).. فأنا عندما أرى نفسي بأنني أصبحت لا ذنب لي ، ماذا يعني هذا؟.
أصبحت وكأنه ليس هناك أي ذنب لدي إطلاقاً، لم يبق إلا أن أنتظر، قد أصبحت القضية عليك أنت يا الله. كما قال الرئيس عندما اجتمع بالعلماء قال: نحن الأمراء أصلحنا نفوسنا الباقي أنتم أصلحوا نفوسكم ، أنتم تقولون أنه فئتان من الناس إذا صلحوا صلح الناس: الأمراء والعلماء أو السلاطين والعلماء نحن صلحنا إذاً أنت أصلحوا.
هكذا قد تكون أنت مع الله تقول: نحن قد استقمنا، نحن ليس مثلنا أحد في الطاعة! لم يبق إلا أن تفي أنت بما وعدت به ، باقي أنت يا الله تنـزل البركات ، وتعطينا كل شيء بسرعة.
هل أنت ارتقيت إلى درجة محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ أم أنك أصبحت تجعل لنفسك مقاماً هو أعلى من مقام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي يقول الله له:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} وما هي الذنوب التي قد نتصورها نحن بالنسبة للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ لكن مهما ارتقيت ، مهما ارتقيت في سلم الكمال لا بد أن تستشعر أنك ما تزال قاصراً وناقصاً ومقصراً أمام الله سبحانه وتعالى ، ما تزال ناقصاً ما تزال مقصراً ، لا تستطيع أن تحيط علماً بكل الدائرة من حولك أنها قد أصبحت كلها طاهرة بنسبة مائة في المائة في كل تصرفاتك ، كل أفعالك ، كل أقوالك ، كل آرائك ، كل نظراتك ، كل مواقفك، ثم نقول بعد: لا يوجد أحسن منا ، فإذا لم تر الأشياء تتحقق على ما تريد تسخط على الله سبحانه وتعالى! هذه جهالة.
الإنسان المؤمن يجب أن يكون دائماً مستشعراً للتقصير أمام الله، الله وصف المتقين بأنهم كما قال عنهم:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}(آل عمران: من الآية17) مستغفرين دائماً حتى في تلك الأوقات التي عادة ينهض فيها العباد المنقطعون في العبادة. هم عندما ينهضون في الثلث الأخير من الليل ، وفي السحر قبيل الفجر لا ينظرون إلى أنفسهم بأنهم قد أصبحوا في القمة، ولم يبق لديهم أي تقصير، وأنه ما بقي لديهم أي ذنب، يستغفرون الله دائماً {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}.
اعتقد بالنسبة لقضية التسبيح قد تكون واضحة بالنسبة إلى معناها.. لكن كيف نعمل على أن نرسخها في نفوسنا وفي مشاعرنا؟.
من خلال التكرير الواعي لكلمة: [سبحان الله] عندما تسبح الله داخل الصلاة أو خارج الصلاة في أي وقت من الأوقات.
ثم أن تتلمس دلائل نزاهة الله سبحانه وتعالى وقدسيته وجلاله وعظمته من خلال آيات القرآن الكريم ، ومن خلال صفحات هذا الكون، وآيات هذا الكون الذي بين يديك، هذا العالم لتترسخ في نفوسنا معاني نزاهة الله؛ لأن المؤمن بحاجة إليها دائماً.
ولو أن الناس انطلقوا من هذه القاعدة لكانت الدنيا بخير ، ولكان وجه الدنيا على خلاف ما هو عليه الآن.. من قاعدة تنـزيه الله ، لكن أصبح وللأسف بدلاً من أن تمتلئ القلوب بمشاعر تنـزيه الله ملئت القلوب بعقائد نسبت القبائح والنقص إلى الله في ذاته وأفعاله وتشريعاته ، من أولئك الذين يحملون القرآن بين جنوبهم في صدورهم ، من أولئك الذين يقرؤون كتاب الله سبحانه وتعالى فيرون فيه كم كرر الحديث عن تسبيحه والأمر بتسبيحه واستنفار كل الخلائق لتسبيحه. لماذا لم يجدِ هذا في نفوسهم؟ مع أن بعضهم لهم أوراد ولهم رواتب، قد يطلق في اليوم الواحد ألف تسبيحة، مسابح طولها ألف حبة مع بعض الصوفية وهم ممن يعتقد عقائد كهذه.
أحياناً الإنسان إذا لم يكن يعي ما يقول، ويعي ما يقرأ ، ويعي ما يشاهد ، تكون الأشياء كلها تمر على سمعه وبصره ، وتنطلق من لسانه، وتمر مرور الكرام لا تترك أي أثر، حاول أن ترسخ في نفسك دائماً التنـزيه لله، وإذا لمست بأنك لا تزال في وضعية قد تتعرض فيها لارتياب، فاعلم بأنك لا تزال مهيئاً لنفسك أن تكون ضحية للضلال في أي وقت. يقولون لك: قال رسول الله كذا ، وكان السلف الصالح كذا ، وقال الصحابي الفلاني كذا ، وكان كذا.. إلى آخره هكذا يطولون الكلام عليك حتى تعتقد عقيدة باطلة هي كفر بنـزاهة الله ، كفر بقدسية الله ، فتؤمن بها على أنها من دين الله ، أليس هذا هو من الضلال؟. الله يريد منا أن نتعبد له بقدسيته بنـزاهته ، فنأتي لنتعبده بماذا؟. بنسبة النقص إليه ، نتعبد له بنسبة الفواحش إليه ، نتعبد له بالسوء ، أليس هذا من الباطل؟؟ الباطل الذي يعتبر باطل مضحك [وشر البلية ما يضحك].
نجد كذلك التسبيح مما أمر به أولياء الله، والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول الله له:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} (الطور:48 ـ49) .
وحتى في حالة الشدة كما حدث لنبي الله يونس (عليه السلام) وهو في بطن الحوت ماذا قال؟{فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ}(الانبياء: من الآية87) الم يقل سبحانك؟ أنزهك {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}(الانبياء: من الآية87) فأن تكون أنت مؤمن بهذه القاعدة بشكل واعي ، وفي كل الحالات لأنها قاعدة إيمانية في كل الظروف لا يمكن لحظة واحدة من لحظات حياتك تقول فيها ربما أما هذه فلم يتنـزه فيها ، أما هذه ما تنـزه فيها.. لا يصح إطلاقاً. في كل الظروف في كل الحالات في كل الشدائد في حالة الشدة والرخاء وحالة السراء والضراء ، لا بد أن تكون قاعدة لديك ثابتة.
نبي الله يونس (عليه السلام) ألم يسبح وهو في بطن الحوت {سُبْحَانَكَ}؟. هذه لها أثرها الكبير ، أنك دائماً سترجع إلى نفسك في كل حدث تواجهه في الحياة ، وأنت تعمل في سبيل الله، وأنت ترى نفسك بأنك تسير على نهج أولياء الله، لا ترد اللوم على الله أبداً، حتى وإن كان من عنده ما أصابك فإنما ذلك إما لأنك أنت كنت جديراً بأن صدر منك ما تستوجب به أن يحصل عليك هذا الشيء وإما لأن في ذلك مصلحة لك وحكمة من الله أن تلاقي تلك الشدة أو تحصل عليك تلك المصيبة لمصلحتك أنت .
من يضعف إيمانهم دائماً يردون السبب في الله ، فيحمِّل الله مسئولية ما حصل ، ثم ينطلق ليسيء الظن في الله{وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب: من الآية10) هو حصل عند البعض عندما حوصر المسلمون في المدينة مع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في [غزوة الأحزاب]{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} حتى انطلق بعضهم يسخرون من الله من النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وهم يحفرون الخندق ، عندما ضرب الصخرة فانقدحت فقال: ((الله أكبر إني لأرى قصور فارس ، إني لأرى قصور صنعاء)) فقالوا: يعدنا بأن يصل ديننا أو أن تفتح هذه المناطق على أيدينا ، وها نحن لا يأمن الواحد منا أن يخرج ليبول. ألم يقولوا هكذا؟. انطلق بعض الناس يقول هكذا.
في [سورة آل عمران] بعد أحداث [أحد] حصل في غزوة أحد شدائد ، وحصل فيها ما جعل البعض يرتبك ، ما جعل البعض ينظر أنه لماذا أصابنا هذا الشيء{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران: من الآية165) يريدون أن يجعلوا السبب في الله ومنه هو الذي عمل الهزيمة، يمكن نسيء. في الواقع قد نتعامل مع الله على هذا النحو، ربما نسي ربما لم يف، ربما.. وإن لم تنطلق أنت بهذه ، سوء الظن.
في مسيرة العمل ، عندما يكون الموقف مع الله موقفا ثابتاً ... تنـزيهه نزاهته لا يمكن أن يخلف وعده أبداً.
فمتى ما مر الناس بصعوبة ما رجعوا إلى أنفسهم ، وإلى واقع الحياة: [ربما خطأ حصل من عندنا ونحن نرتب المسألة على هذا النحو، ربما خطأ حصل من عندنا أنه ضعفت ثقتنا بالله عندما رأينا أنفسنا كثيرا..] كما حصل في يوم حنين{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}(التوبة: من الآية25) لأنهم رأوا أنفسهم كثيرا وكانوا ما يزالون بعد نشوة النصر بعد فتح مكة فاتجهوا لقتال هوازن وبعض القبائل الأخرى ، فقال البعض:[لن نهزم اليوم من قلة] رأى جموع كثيرة ، لن نهزم اليوم من قلة، وعندما يكون هذا الشعور داخل الكثير ، بدل أن تكون النفوس ممتلئة باللجوء إلى الله ، واستمداد النصر منه ، والتأييد منه ، الذي تعبر عنه الآية:{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية250) لن نهزم اليوم من قلة.. فهزموا هزيمة منكرة.
الإيمان على هذا النحو هو الذي يدفع الناس إلى أن يرجعوا إلى أنفسهم فيصححوا أخطاءهم ويكتشفوا أخطاءهم ، ويحسنوا من أوضاعهم ، ويحسنوا خططهم ويحسنوا تصرفاتهم ، ويظلون دائماً دائماً مرتبطين بالله مهما بلغت قوتهم، مهما بلغ عددهم، يظل ارتباطهم بالله قويا، ارتباطهم بالله وهم مائة ألف كارتباطهم بالله يوم كانوا ثلاث مائة شخص ، أو أقل ، متى ما انفصل الناس عن الله ورأوا أنفسهم وكأنهم في حالة لا يحتاجون معها إلى تأييد من الله سيضربون ، سيضربون.. [لن نهزم اليوم من قلة] ، هي التي ضربت المسلمين في حنين.
وفي يوم أحد ما الذي ضربهم؟ هو العصيان للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما عصى البعض وسكت الباقون فكأن معصيته هي تعبر، أو أنها تحظى برضاء الآخرين أي لم يستنكروا ما حدث من أولئك عندما تخلفوا عن حفظ الموقع الذي أكد عليهم الرسول أن يضلوا فيه ولا يبرحوا منه، فحصل أن ضربوا ضربة شديدة، وهزموا هزيمة منكرة، بعد أن كانوا في بداية المعركة كما قال الله عنهم:{تَحُسُّونَهُمْ} أي قتل هكذا، وكأنه قتل بسهولة وسريع{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ}(آل عمران: من الآية152) حصل ما حصل فحصلت الهزيمة، وحصل قتلى، وقتل نحو سبعين شخصاً.
الإيمان.. الإيمان بالله سبحانه وتعالى الذي يعني في ما يمثل التجاء إلى الله في كل الظروف .
ثم إيمان بأهمية الاستمرارية على أسباب النصر هي جزء من الإيمان بالله.. وأنت إذا لم تلتزم فقد يحصل عليك مصيبة ثم تحمل الله المسئولية، ثم تسيء ظنك بالله، وتكون أنت في الواقع من جنيت على نفسك في البداية{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران: من الآية165).
وهكذا إذا تأمل الإنسان كم سيجد لتنـزيه الله سبحانه وتعالى من أهمية بالغة مرتبطة بكل القضايا، في كل الميادين، في مواجهة المفسدين، في مواجهة المضلين، في مواجهة أعداء الله، حتى في المواجهة الكلامية في حالات النقاش.. وأنت تنطلق من قواعد ثابتة مهما نمق الطرف الآخر كلامه أمامك وزين شبهته لديك، لن تضطرب أبداً لأنك سترى أن كل هذا الكلام المنمق الذي جاء من جانبه، مبني على أساس فاسد، المسألة من أساسها غير صحيحة .
لو قبلناها كان ذلك يعني: خدشاً في نزاهة الله سبحانه وتعالى ، فيما يتعلق بحكمته فيما يتعلق برحمته ، فيمايتعلق بتدبيره ، فيما يتعلق بأي شيء من كماله سبحانه وتعالى فلن تهتز أبداً.
يقول لك: هذا الحديث رواه فلان ورواه فلان وأخرجه فلان وتلقاه فلان ، وقال الإمام الفلاني ورواه الفلاني، في عبارات من هذه مزدحمة حتى يفقدوه توازنه، ويضطر أن يقول: صِدْق..لا. ليقل لك ما قال ، رواه فلان وأخرجه فلان وذكره فلان وحكاه فلان ، وكان يدين به فلان.. إلى آخره ، المسألة من أساسها انظر ما هي النتيجة في الأخير؟. مبنية على ماذا؟. ثم ماذا سيترتب عليها؟. هي تخالف مخالفة صريحة مقتضى نزاهة الله سبحانه وتعالى الذي هو معنى تسبيحه وتقديسه ، إذاً لا يمكن أن تقبل مهما كانت الضجة حولها.
المؤكد هنا في القرآن الكريم في مجال التسبيح، أو فيما يتعلق بالتسبيح، هو الشيء الذي يجب أن يسيطر أثره على مشاعرك ، فلا تتأثر بأي ضجة أخرى مهما كثرت ، وبأي كلام آخر.
كما قلنا: أنها قد تحصل ضجة كثيرة أمامك، وأنت تقرأ مثلاً ، وأنت تدخل في نقاش مع شخص آخر، ويقول: رواه البخاري ومسلم وذكره الترمذي وحكاه فلان وذكر فلان، وقال فلان أنه مما أجمع عليه السلف الصالح وحكى... إلى آخره.. كلام كثير.. لكن هؤلاء جميعاً الذين عرضهم لك في كلامه ، بالنسبة لهذه القاعدة عرض الله ما هو أكثر منهم بكثير {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(الجمعة: من الآية1) أليس هؤلاء أكثر من البخاري ومسلم وفلان وفلان إلى آخره؟. فالقاعدة هذه مهمة جداً.
وإذا أردت أن تعرف أهميتها فانظر إلى القرآن الكريم {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(الجمعة: من الآية1) والسور في القرآن الكريم تتصدر بالتسبيح على هذا النحو: { يُسَبِّحُ لِلَّهِ } أو {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الحديد: من الآية1) أو {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} وفي أواخر بعض السور وداخل السور بهذا اللفظ العام {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وفي أواخر بعض السور وداخل السور بهذا اللفظ العام {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} هذه تدل على أهميته ، وأنك بحاجة إلى أن تستشعر أهميته ، وتنطلق منه في كل مواقفك.
وأنت طالب علم عندما يقولون لك: [مما امتاز به مذهبنا هو الحرية الفكرية ، فالإنسان يقرا وله حق أن يرجح وينظر ، ثم له حق أن يجتهد فيما بعد إذا ما توفرت له آلة الإجتهاد فأصبح يستطيع أن يستنبط ، وأن ينظر وأن يرجح وأن يقرر وأن... إلى آخر..] هم يخاطبونك بهذا الكلام بمفردك.. ارجع إلى القاعدة هذه ، هل ممكن أن يكون الله سبحانه وتعالى يوكل أمر الهدى إلى الناس؟. أم أنه هو الذي يتولى هذه القضية عندما يقول: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدىْ}(الليل:12) {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيْلِ}(النحل:من الآية 9) وهل النتيجة هذه ممكن أن تكون مقبولة عند الله؟. وهل هي منسجمة مع حكمته؟. مع رحمته؟. ، مع كونه الملك، الإله، الرب؟.
ينسجم مع هذا كله أن ينطلق كل واحد منا ـ ونحن طلاب علم ـ فهذا يرجح خلاف ما رجح هذا ، وهذا يقرر خلاف ما قرر هذا، وكل واحد منا يدعي بأن ما وصل إليه هو دين الله ، وهو شرع الله. فكلما اتسعت دائرة المتعلمين، وكلما كثر عدد المجتهدين، كلما كثرت الأقوال وكثر الإختلاف ، فصعد كل شخص لوحده، وتحرك بمفرده ، وانطلق كل منهم يدعو إلى ما توصل إليه.. اختلاف شديد ، اختلاف رهيب ، تعدد أقوال ، وكل منها تنسب إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا يخطئ هذا، وهذا يخالف هذا؟. وتفرق فلا تجتمع لهم كلمة في أغلب الأحوال ، في أغلب الأحوال لا تجتمع لهم كلمة.
تقول في الأخير: هل يمكن أن يكون دين الله على هذا النحو؟. وهل الله يريد منا أن نكون على هذا النحو، فقدم لنا دينه هكذا؟. وأراد من كل واحد منا أن يتحرك هو بمفرده؟. فما أداه إليه نظره واجتهاده سار عليه.. وهكذا الثاني، وهكذا الثالث والرابع إلى آخر الدائرة. وإن كانوا آلاف المتعلمين وآلاف العلماء وأنت ترى وتشاهد أن هذه وسيلة من وسائل الإختلاف والتفرق.. فهل الله سبحانه وتعالى الإله الملك ، هل هذا تدبيره لشئون عباده؟. هل هذا تشريعه لعباده؟. هل هذا ما يتناسب مع توحيده؟. أن ينـزل للناس شرعاً يفرقهم ويشتت شملهم؟. وأن يقبل من كل واحد ما أداه إليه نظره واجتهاده؟.
وعندما تنظر إلى داخلهم ترى الأشياء المتباينة المتضادة المتخالفة التي لا يمكن أن تكون كلها حق ، تقول: سبحان الله.. سبحان الله أن يكون شرعه على هذا النحو ، أن يرضى لعباده هذه الطريقة ، أن يكون هذا ما يريده منهم ، أن تصبح هذه هي ميزة ما شرعه لعباده ، ميزة الإسلام ، وأنها هي التي يمتاز بها الإسلام ، فنقول: حرية الفكر.
لو قررنا ذلك لاحتجنا أن نقرره شرعاً ، أي: نحتاج إلى أن نصبغ ما نقرره بصبغة دينية ننسبها إلى الله سبحانه وتعالى ، أنه هكذا أراد منا أن نكون على هذا النحو ، أن كل واحد منا ينطلق على هذا النحو بمفرده ، إذاً فهو شرع هذا ، وهو في نفس الوقت يقول في القرآن الكريم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران : من الآية 103) ثم يقول بعد: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}(آل عمران : الآية105).
إذاً ستقول: كيف تنهى هنا عن الإختلاف والتفرق، وتهدد بالعذاب العظيم عليه، وتأمر بالإعتصام الموحد الجماعي بحبل واحد، ثم أنت في نفس الوقت تشرِّع ما هو منبع من منابع الإختلاف والتفرق؟! حيث أجزت لكل واحد منا ، أو أردت من كل واحد منا أن ينطلق هو بمفرده فيعتمد على ما أداه إليه نظره وترجيحه ، ونحن نرى أن الأنظار تختلف والنتائج تختلف.. ألم يختلف شرع الله هنا؟. ألم يؤد إلى اختلاف؟.
نسبح الله، ننـزه الله أن يمكن أن يكون هذا من شرعه ، أن يكون في شرعه اختلاف ، ويكون في شرعه تناقض {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}(النساء: من الآية 82) ولا يعني الإختلاف هو الإختلاف في ألفاظ النصوص ، الإختلاف في الغايات أيضاً ، الإختلاف في النتائج أيضاً.. فلا يمكن أن يشرع هنا شيئاً ثم يشرع أيضاً شيئاً آخر يؤدي في الأخير إلى نتيجة تخالف نتيجة ما شرعه هنا. أو يهدي إلى شيء ثم يهدي إلى شيء آخر يؤدي في الأخير إلى ضرب ذلك الشيء الأول ، هذا هو الاختلاف أيضاً ، بل هو الإختلاف الحقيقي أكثر من اختلاف النصوص {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}(النساء: من الآية 82) هنا نحتاج ـ كطلاب علم ـ أن نسبح الله ونقول: سبحانك لا يمكن أن تتناقض ، لا يمكن أن يختلف هداك ، لا يمكن أن يتعارض هديك ، لا يمكن أن تتعدد طرقك ، وأنت الذي تقول {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوْا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ}(الأنعام: من الآية153).
وهكذا تحتاج إلى تنـزيه الله في كل شيء ، وأنت طالب علم ، وأنت تاجر ، وأنت فلاح ، وأنت عالم ، وأنت فقير، وأنت غني ، وأنت مجاهد ، أوأنت قاعد ، وأنت صحيح ، أو أنت مريض تحتاج إلى هذه القاعدة ، أن تنطلق منها، وهي التي ستحركك ، وتوجهك إلى الصواب، فتعرف ما هو الموقف الصحيح الذي يجب أن تقفه في كل الأحوال وفي كل الظروف.

هذا ما أفهمه بالنسبة لقضية التسبيح.. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المسبحين له المنـزهين له ، وأن يرسخ في أعماق نفوسنا مشاعر عظمته وتنـزيهه وقدسيته إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shaheed1.rigala.net
 
معنى التسبيح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى انصار السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي :: مكتبة انصار الله :: ملازم السيد حسين بدر الدين الحوثي-
انتقل الى: